الحكم بإعتبار دعوى البطلان كأن لم تكن
الحكم بإعتبار دعوى البطلان كأن لم تك (0)
- الوجه الأول: ماهية القرار بإعتبار دعوى البطلان كأن لم تكن:
- الوجه الثاني: الغرض من القرار بإعتبار دعوى البطلان كأن لم تكن والاثار المترتبة عليه:
- الوجه الثالث: حالات إعتبار دعوى البطلان كأن لم تكن:
- الوجه الرابع: إستبعاد دعوى البطلان قبل الحكم باعتبارها كأن لم تكن:
- الوجه الخامس: وجوب إعلان المدعي وإثبات تمام الإعلان قبل الحكم باعتبار دعواه كأن لم تكن:
الحكم بإعتبار دعوى البطلان كأن لم تكن
لا ريب ان لدعوى بطلان حكم التحكيم خصوصيتها التي تميزها عن الطعن بالاستئناف في الحكم القضائي،ومن مظاهر ذلك الحكم بإعتبار دعوى البطلأن كأن لم تكن شريطة وجوب إعلان اطراف دعوى البطلان إعلاناً صحيحاً قبل القرار باعتبار الدعوى كأن لم تكن حسبما ورد في قضاء الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 15/2/2016م في الطعن رقم (57099) ،وتتلخص وقائع القضية التي تناولها هذا الحكم ان الشعبة المدنية حكمت (بإعتبار دعوى بطلان حكم التحكيم كأن لم تكن وصيرورة حكم التحكيم المدعى بطلانه نهائياً وقابلاً للتنفيذ) وقد ورد ضمن اسباب الحكم الاستئنافي أنه (بعد الرجوع إلى ملف القضية تبين أنه قد مضى ما يزيد على خمس سنوات منذ تاريخ تقديم دعوى البطلان ومضي ما يزيد على أربع سنوات منذ تاريخ انعقاد أول جلسة في القضية وقد عقدت الشعبة عدة جلسات لنظر الدعوى طيلة هذه المدة فلم يحضر المدعون بالبطلان في حين كان المدعى عليهم يحضروا اغلب تلك الجلسات، وكل ذلك يدل على عدم جدية المدعين بالبطلان في دعواهم وتخليهم عنها، فلو كانوا جادين في دعواهم لتابعوا دعواهم منذ رفعها) إلا أن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا نقضت الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا (والدائرة بعد الرجوع إلى الأوراق مشتملات الملف فقد وجدت ان نعي الطاعنين في محله حيث تبين للدائرة انه لم يصل أي إعلان إلى المدعين بالبطلان بشأن إنعقاد الجلسات التي عقدتها الشعبة للنظر في دعواهم ،فقد وجدت الدائرة أن عدد الجلسات سبع عشرة جلسة منها أربع جلسات تم تأجيلها إداريا،ً وحيث انه تبين للدائرة ان الإعلانات الموجهة إلى المدعين الموجودة بملف القضية ليس فيها ما يدل على إستلام المدعين لها حيث تم تسليم احد الاعلانات لمراسل محكمة... الذي قال انه سلمه لاحد المدعين إلا أنه لا يوجد في ملف القضية ما يدل على وصول الاعلانات إلى يد المدعين، ولذلك فان القرار بإعتبار دعوى البطلان كأن لم تكن مخالف للقانون، فالقرار باعتبار دعوى البطلان كأن لم تكن لعدم حضور المدعين لا يكون صحيحاً إلا بعد ان يتم إثبات إعلان المدعين بالميعاد إعلاناً صحيحاً وفقاً للمادة (42) مرافعات التي نصت على أنه (يعرض المحضر أو صاحب الشأن أوراق الإعلان على الخصم اينما وجد فان تعذر فتعرض على من ينوب عنه في موطنه وفي حالة الإمتناع تعرض الأوراق بواسطة عاقل الحارة أو القرية أو قسم الشرطة إن وجد أو يؤخذ إيضاح العاقل أو الاشهاد عليه) وحيث انه لم يوجد في ملف القضية ما يدل على إعلان المدعين إعلاناً صحيحاً وفقاً للمادة (42) مرافعات المشار اليها فان ذلك يجعل قضاء الحكم المطعون فيه باطلاً لمخالفته للقانون) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الاتية:
الوجه الأول: ماهية القرار بإعتبار دعوى البطلان كأن لم تكن:
هو قرار تصدره الشعبة الاستئنافية التي تنظر دعوى بطلان حكم التحكيم كجزاء ينص عليه قانون المرافعات في حالة عدم تحريك المدعي لدعواه فترة من الزمن، وبمقتضى القرار باعتبار الدعوى كأن لم تكن تنتهي الخصومة في دعوى البطلان امام محكمة الاستئناف من غير أن تفصل المحكمة في موضوع دعوى البطلان، فالقرار باعتبار دعوى بطلان حكم التحكيم كأن لم تكن عبارة عن جزاء إجرائي قانوني قد يتحقق بقوة القانون وقد تحكم به المحكمة مثل ما حدث في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا (نظرية الدفوع، استاذنا المرحوم الأستاذ الدكتور احمد ابو الوفاء، صـ631).
الوجه الثاني: الغرض من القرار بإعتبار دعوى البطلان كأن لم تكن والاثار المترتبة عليه:
الغرض من هذا القرار هو حث الخصوم على موالاة ومتابعة إجراءات نظر دعوى البطلان واسراعهم في طلب الحماية القانونية لحقوقهم عن طريق الفصل في الدعاوى ، ويترتب على الحكم بإعتبار دعوى البطلان كأن لم تكن سقوط دعوى البطلان فتزول الخصومة بشأنها ويتحصن حكم التحكيم فلا تجوز إعادة رفع دعوى البطلان مرة أخرى ، ومؤدى ذلك ان يصير حكم التحكيم نهائياً قابلاً للتنفيذ (قانون المرافعات، د.احمد هندي، صـ447).
الوجه الثالث: حالات إعتبار دعوى البطلان كأن لم تكن:
تحكم محكمة الاستئناف بإعتبار دعوى البطلان كأن لم تكن في حالة إستمرار إستبعاد الخصومة، فإذا قررت المحكمة إستبعاد الدعوى ستين يوماً دون ان يطلب احد الخصوم السير فيها خلال هذه المدة بسبب تخلف المدعي بالبطلان او لتخلف جميع الخصوم عن الحضور، فان المحكمة تقرر بعدئذ إعتبار الدعوى كأن لم تكن حسبما ورد في المادة (112) مرافعات، كما أن بعض قوانين المرافعات تجيز للمحكمة الحكم بإعتبار دعوى البطلان كأن لم تكن اذا لم يتم تكليف المدعى عليه بالبطلان بالحضور خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم عريضة الدعوى ويتم صدور هذا القرار بناءً على طلب المدعى عليه، إلا أن قانون المرافعات اليمني لم ينص على ذلك ،وقد كان من الأولى الأخذ به (دعوى بطلان حكم المحكمين، إشراق الاشعري، صـ385).
الوجه الرابع: إستبعاد دعوى البطلان قبل الحكم باعتبارها كأن لم تكن:
من خلال إستقراء المادة (112) مرافعات نجد انها تجعل قرار إستبعاد دعوى البطلان مدخلاً للحكم لاحقاً بإعتبار الدعوى كأن لم تكن، وهذا من التدرج الإجرائي، لان المدعي بالبطلان حينما يعلم بقرار المحكمة إستبعاد الدعوى سوف يبادر إلى طلب تحريكها إن كان جاداً في دعواه وان لم يبادر فان ذلك قرينة على عدم جديته وإهماله مما يبرر الحكم لاحقاً بإعتبار دعواه كأن لم تكن.
الوجه الخامس: وجوب إعلان المدعي وإثبات تمام الإعلان قبل الحكم باعتبار دعواه كأن لم تكن:
من خلال ما تقدم ظهر لنا الاثر الخطير للحكم بإعتبار دعوى البطلان كأن لم تكن من حيث مساس هذا الحكم بأصل حق المدعي، ولذلك فان المادة (42) مرافعات التي استند اليها الحكم محل تعليقنا قد اشترطت تمام الإعلان للمدعي بالبطلان بإستبعاد دعواه وكذا إعلانه بالجلسات التي تعقدها المحكمة حتى يكون المدعي بالبطلان على بينة من امره فلا يفاجا بالحكم بإعتبار دعواه كأن لم تكن من غير أن يعلم بإستبعاد دعواه أو مواعيد جلسات نظرها، ولذلك فقد ذهب الحكم محل تعليقنا إلى وجوب إثبات تمام الإعلان إلى المدعي بالبطلان وان تتضمن أوراق القضية ما يفيد تمام هذا الإعلان وإستلام المدعى له او بلوغه إلى علمه بحسب الإجراءات المحددة في المادة (42) مرافعات، وينبغي على القضاء التشدد في هذه المسألة لشيوع ظاهرة التلاعب في الإعلانات، والله اعلم.
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
ليست هناك تعليقات