المسائل التجارية التي تختص بنظرها المحاكم العادية
المسائل التجارية التي تختص بنظرها المحاكم العادية
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
ينص قانون السلطة القضائية وقانون المرافعات على ان المحاكم الابتدائية لها الولاية العامة بنظر كافة القضايا، ولذلك فان إنشاء المحاكم التجارية وغيرها من المحاكم المتخصصة لا يعني تجريد المحاكم الابتدائية العادية من ولايتهما العامة واختصاصها بنظر المسائل التجارية في المحافظات والمديريات التي لاتوجد فيها محكمة تجارية باعتبار المحاكم العادية هي صاحبة الولاية العامة والاختصاص الاصلي ، وقد قضى بذلك الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 17/1/2012م في الطعن رقم (47631) فقد قضى هذا الحكم بان (نعي الطاعن في غير محله لان المحاكم الابتدائية لها الولاية العامة بنظر المسائل التجارية في المحافظات التي لا توجد بها محاكم تجارية، فيجوز لها الفصل في كافة المسائل التجارية عدا قضايا الإفلاس والبنوك والعلامات والاسماء التجارية والقضايا التي تتعلق بالشركات الاجنبية التي يكون احد اطرافها عنصراً اجنبياً حسبما جاء في المادة (3) من القرار الخاص بانشاء المحاكم التجارية التي نصت على أن تختص المحاكم التجارية بالنظر في الدعاوى والمنازعات ذات الطابع التجاري على ان يبقى الاختصاص منعقداً للمحاكم الابتدائية ذات الولاية العامة فيما عدا القضايا المستثناة السابق ذكرها، وحيث ان القضية التي فصلت فيها محكمة ... الابتدائية والشعبة المدنية في المحافظة هي مسألة ضمانة تجارية لسداد مديونية فإن هذه القضية لا تندرج ضمن المسائل المستثناة التي تختص بها المحاكم التجارية حصراً، ولما كان الحكم قد صدر في محافظة لا توجد بها محكمة تجارية فان الحكم المطعون فيه موافق للقانون) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: إختصاص المحاكم التجارية استثناء من الولاية العامة للمحكمة الابتدائية العادية:
الأصل ان المحاكم الابتدائية هي صاحبة الولاية العامة بنظر القضايا كافة الدعاوي بمختلف انواعها وقيمتها عملاً بالمادة (47) من قانون السلطة القضائية التي نصت على ان (تكون للمحكمة الابتدائية الولاية العامة للنظر في جميع القضايا) وفي السياق ذاته تنص المادة (89) مرافعات على ان (تختص المحاكم الابتدائية في الفصل ابتدائياً في جميع الدعاوى التي ترفع اليها أياً كانت قيمتها او نوعها) ,وبما ان الأصل ان المحاكم الابتدائية لها الولاية العامة بنظر القضايا كافة مهما اختلف نوعها او قيمتها حسبما ورد في النصين السابقين، لذلك فان إختصاص المحاكم التجارية وغيرها من المحاكم النوعية المتخصصة يكون اختصاصها بنظر القضايا التجارية قد ورد على سبيل الاستثناء من الأصل العام حيث يجب على المحكمة التجارية التقيد والالتزام بالاختصاصات المناطة بها بموجب قرار انشائها، وبما أن إختصاص المحكمة التجارية قد ورد على سبيل الاستثناء من الأصل العام فانه لا يقبل القياس عليه أو التوسع في تطبيقه أو تفسيره كما ينبغي عدم التوسع في تفسيره أو تطبيقه حسبما اشار الحكم محل تعليقنا.
الوجه الثاني: إختصاص المحاكم التجارية وتخصصها:
المحاكم التجارية في اليمن مع انها تختص بالقضايا التجارية استثناء من الولاية العامة للمحاكم العادية عامة إلا أنها من اقدم المحاكم نشأة في اليمن في العصر الحاضر، ففي بداية نشأتها كان القضاة العاملون فيها من السودان وقد داومت السلطة القضائية على إختيار افضل القضاة للعمل في المحكمة التجارية والادارية والجزائية المتخصصة ،فصار عرفاً قضائياً لأهمية المحاكم التجارية وعلاقتها بالنشاط الاقتصادي والتجاري والاستثماري، وخلال فترة عمل المحاكم التجارية اكتسب قضاة المحاكم الخبرة والمهارة في الفصل في القضايا التجارية ولو ان الحركات القضائية المتعاقبة تهدر مبدأ تخصص القضاة لاسيما بالنسبة للقضايا التجارية والادارية، ولا شك ان هناك مزايا عدة لاختصاص التجارية وتخصص قضاتها ولذلك فقد اناط بها قرار انشائها الاختصاص بنظر القضايا التجارية رغم قلة عدد هذه المحاكم حيث تنظر كل محكمة بالقضايا التجارية كافة في المحافظة التي يقع بها مقر المحكمة بالإضافة إلى قضايا الافلاس والعلامات والاسماء التجارية والبنوك والشركات الاجنبية في المحافظات التي ضمن نطاق اختصاص المحاكم المكاني لان المحكمة التجارية اجدر وأقدر بنظر هذه القضايا لاختصاص المحكمة التجارية وتخصص قضاتها.
الوجه الثالث: إختصاص المحاكم العادية بالمسائل التجارية في المحافظات التي لا توجد فيها محكمة تجارية:
بالنسبة للمحافظات التي لا توجد فيها محاكم تجارية فإن المحكمة تختص بنظر القضايا ذات الطابع التجاري باستثناء دعاوى الافلاس والبنوك والشركات الاجنبية ومنازعات العلامات والاسماء التجارية والشركات الاجنبية حسبما ورد في المادة (3) من قرار انشاء المحاكم التجارية، ولذلك فقد لاحظنا ان الحكم محل تعليقنا قد قضى بصحة الحكم الصادر عن المحكمة العادية في المحافظة المجاورة لان القضية وان كانت تجارية إلا أنها لا تندرج ضمن الدعاوى المستثناة التي لا يجوز للمحكمة التجارية النظر فيها حيث كانت القضية هي الزام الضمين التجاري المسلم بتنفيذ ضمانته فلم تكن هذه القضية من الدعاوى المستثناة كدعاوى الافلاس والبنوك وغيرها.
الوجه الرابع: الحكمة من إناطة دعاوى الافلاس والبنوك والعلامات والاسماء بالمحكمة التجارية:
استثنى قرار انشاء المحاكم التجارية دعاوى الافلاس والبنوك والاسماء والعلامات التجارية والشركات الاجنبية من الولاية العامة للمحاكم الابتدائية العادية حيث اناط القرار بالمحكمة التجارية حصراً الفصل في هذه الدعاوى نظراً لان هذه الدعاوى تحتاج إلى مهارة وخبرة قضائية نوعية تخصصية تتوفر لدى القاضي التجاري المتخصص لاسيما ان الدعاوى المستثناة السابق ذكرها قضايا تجارية كبيرة تحتاج إلى إجراءات وخبرات قد لا تتوفر لدى المحاكم العادية لاسيما اذا كانت في مديريات أو مدن ثانوية، والله اعلم.
ليست هناك تعليقات